فصل الصّيف لا يعني بالضرورة التّكاسل والنوم لوقت متأخر، على الأقل بالنسبة لبعض الطلاب والتلاميذ، الذين يغتنمون فرصة حلول عطلة الصّيف لربح بعض المال استعدادا للسنة الدراسية أو الجامعية المقبلة، ورغبة منهم في مفاجأة أوليائهم وإسعادهم عن طريق تحقيق تقديم بعض المساعدة، فالحديث عن الراحة والاسترخاء أمر غير مقبول بالنسبة للكثير من الشباب، الذين لا ينتظرون انقضاء مسارهم الدراسي للالتحاق بعالم الشغل، ولو كان ذلك عبر تجارب صغيرة ذات دور فعّال، تسمح بإكسابهم كفاءات معتبرة وتعزيز مسيرتهم المهنية.
في هذا الصدد، يقول الأستاذ عربوش إدير، ‘لابد من الإشارة إلى أن هؤلاء الفتيان والفتيات يشمّرون على سواعدهم بمجرّد الانتهاء من الامتحانات الأخيرة، مُصرّين على “كسب رزقهم” بعرق جبينهم، حتّى أنّ الأمر أصبح من الضّروريات بالنسبة لهؤلاء الشباب، الذين اختاروا عيش الفترة الصيفية وفقا لمنظورهم الخاص.
وعليه فكلّما حلّت العطلة الصيفية يتحوّل عدد كبير من الطلاب المتفوقين من مختلف الاختصاصات، إلى نوادل في مطاعم ‘البيتزا’ والمقاهي، وبائعين في المحلات وعمالة الاستقبال، وكذا ممثلات لبعض ماركات مستحضرات التجميل ومواد التنظيف، فيما يخصّ البنات.
أصبح مؤخرا اكتشاف عالم الشغل وإثراء السيرة الذاتية، أمرا متداولا بين الطلاب الذين لا ينتظرون حيازة شهادات نهاية الدراسة للخوض في مختلف الميادين المهنية، ولم يقتصر الاهتمام بالعمل الموسميّ والوظائف الصيفية على الشباب فقط، بل شمل المؤسّسات أيضا، حيث تعرض هذه الأخيرة مناصب شغل مؤقتة لتعويض الموظّفين الذين يستفيدون من إجازاتهم السنوية، وقامت بفتح مناصب شغل بمصلحة الأمتعة لفائدة الطلاب والبطالين، بعقود ذات مدّة تقدر بثلاثة أشهر، غير قابلة للتجديد، يتم إمضاؤها بين المؤسسة والمتقدمين لطلب العمل، مقابل أجر شهري يتراوح بين 20.000 إلى 30.000 دج، إلّا أن القطاع الخاص، المتعلّق بالمجال التجاري خاصة، يبقى من بعيد النشاط الذي يسجّل أكبر عدد من العروض خلال الفترة الصيفية’.
من جهته، يقول أمين طالب بالثانوية، وجدناه يعمل كنادل بأحد المطاعم الواقعة بالجهة الشرقية، ‘بمجرد حلول العطلة الصيفية السنوية، يقبل الطلاب والتلاميذ على ممارسة مهن شاقة يتقاضون مقابلها دخلا ضعيفا للغاية مقارنة بالجهود التي يبذلونها، هذا، فضلا على أنهم غالبا ما يتعرضون للإهانات والملاحظات البغيضة، مثلما يتعرضون لاستغلال مفرط صارخ من قبل أصحاب العمل، ولكن لأسباب وجيهة، يتعوّد في النهاية هؤلاء الموظفون الذين ليسوا كغيرهم من الموظفين، طوعا أو كرها، على رئيسهم ويتنازلون عن مبادئهم.
أوضح أنه يعمل إلى ساعات متأخرة من الليل، ليتقاضى في الأخير راتبا زهيدا، لا يتجاوز 15.000دينار، بالرغم من كونه في مأمن من الحاجة، إلاّ أنه أراد كسب مصروف جيبه دون الاعتماد على والديه، مشيرا إلى أن هذا عمل متعب نظرا للالتفاف حول الطاولات والمشي ذهابا وإيابا طيلة اليوم، ولكنّه ليس نادما على ما قام به، إذ أن الأمر بمثابة تجربة جديدة بالنسبة له.
من جانبها تقول فريدة، وهي طالبة في علم النفس، لجأت بعد الإعلان وكنت قد قرأته على ‘الفيسبوك’ لتمثيل علامة تجارية متخصصة في منتجات التجميل، قبلت بهذا المنصب المؤقت واعتدت على العمل، حيث دوري يتمثل في الانتقال إلى العملاء لتقديم السلع، وفي الحقيقة من الصعب الذهاب إلى الزبون وإقناعه بشراء منتج وطرق الأبواب، مع العلم أنه أحيانًا ما نواجه أناسا غير متعاطفين، لكن رغم هذا أنا أفضل عدم الجلوس مكتوفة الأيدي، كوني أحسّ بالمسؤولية والاعتماد على النفس وبأن أيام العطلة ثمينة ولا تضيع سدى’.